فى مصر وفى سجن استقبال طره تم اعتقالنا , و فى هذا السجن نقلنا من عنبر ب الى عنبر ج و ما أدراك ما عنبرى (ج) و (د) حيث الزنازين الخرصانية فى منطقة طره و هى منطقة منخفضة عن سطح الارض و هذا العنبر لا تهوية الا من شباك صغير حوالى عشرين سنتمتر و به اسياخ حديدية و اسلاك فلا تجد منه هواء و لا ضياء , والشمس تشرق على هذه الكتلة الاسمنتية ( الزنازين و الغرف ) حتى تغرب عليها , فتصير الزنازين نيران متوهجة خاصة فى فصل الصيف و بالأخص فى شهر يوليو حيث شدة الحر , و فى مرة خرجت الى المحكمة فى سيارة الترحيلات فنظرت على الارض فوجدت كشافات للاضاءة فقلت للاخوة الذين معى ما هذه الكشافات , لماذا يضعونها على الارض ؟؟ قالوا لى هذه عنابر (ج) و(د) انظر جيدا , فلم أصدق ما أرى انها تحت مستوى الارض , والأغرب من ذلك أن الطريق الذى تسير عليه سيارة الترحيلات ينخفض عن مستوى الارض بحوالى ثمانية أمتار , وقدر الله لنا أن نكون فيها فى شهر يوليو حيث كنا حوالى اثنى عشر فردا فى الزنزانة , لا نستطيع التنفس الا بصعوبة بالغة , و العرق يخرج من الاجساد كأنك تفتح صنبورا للمياه , ندخل الحمام حوالى خمسين مرة أو أكثر فى اليوم لنعصر ملابسنا التى خلعناها الا من سروال و فانلة , و كنا نفترش الارض لا نضع عليها شى حتى نشعر ببعض البرودة لكنها برودة ورطوبة تفتك بالاجساد الواهية , كنا لا نستطيع النوم الا فى الصباح حتى تهدأ حرارة الخرصانة المسلحة , كنا نصنع مراوح من بعض الملاءات , و يقوم من بقى فيه رمق من اخواننا ببعض التحريك للملاءة فتحرك الهواء فتعطينا أمل أنه ما زال هناك هواء , و كان بعض الاخوة يغمى عليه و لا يستطع التنفس , و لا يفيق الا بعد اخراجه من الزنزانة و اعطائة حقنة للتنفس , و كان الشاويش لا يستجيب لندائنا الا بعد حين , و كنت الوحيد الذى يستطيع النوم ليلا لكن بحيلة , حيث انام على الارض وأجهز فراشا بجوارى فاذا نمت اتحرك قليلا و أنا نائم حتى انام على الفراش , و فى يوم من أيام الحر الشديد رأيت رؤيا , رأيت كأنى فى ضياء الشمس بين عنبري (ج) و(د) و( العنبر عبارة عن تسعة زنازين و غرفتين للتأديب من ناحية و مثلها فى الناحية الأخرى ) , و رأيت العنبرين كأنهم مبنين من طين , ثم دخلت العنبر إلى الزنزانة التى أنا فيها ثم خرجت منه فى ضياء الشمس ثم دخلته مرة ثانية , و كانت الرؤيا مثل فلق الصبح و كانت فى فلق الصبح , فعلمت يقينا أنى سأخرج من هذه الأفران أقصد الزنازين إلى عنبر ب حيث الجو هناك أقل سخونة و أهدئ حرارة , و عندها لملمت هلاهيل ملابسى وربطتها فى واحدة منها , و أمسكت بمصحفى ثم وضعتها بجوار باب الزنزانة المصنوع من الحديد , و جلست عليها أنتظر الخروج , عندها ضحك الاخوة على ما أفعل و قالوا ما هذا , قلت لهم سأخرج من هذا المكان اليوم , قالوا هل أخبرك أحد من إدارة السجن بأنك ستخرج ؟؟؟
قلت لهم لا لكن علمت ذلك من رؤيا رأيتها اليوم , زادوا فى الضحك و قالوا ربما الرؤيا تقع أو لا تقع , قلت لهم إن شاء الله تقع اليوم , قالوا ممكن غدا أو بعد غد , قلت لهم أنا على يقين أنها تقع إن شاء الله اليوم , قالوا ( وهم مشفقين على ) إذاً اقرأ وردك من القران وابدأ يومك كما تفعل كل يوم حتى يأتى الفرج , قلت لهم إن شاء الله أقرأ وردى فى عنبر (ب) , ضحكوا ثم بدأوا فى أورادهم و ينظروا خلسة إلىّ بابتسامة .
بعد قليل نادى الشاويش على الامتحانت للطلاب و كنت وضعت اسمى خطئاً و لا أظن أن يأتى مع اسماء الطلاب , لكن الشاويش نادى اسمى بين اسماء الطلاب , خرجت فرحا مودعا اخوانى مبتسما على نظراتهم علىّ , خرجت مع الطلاب حاملا بعض متاع الفقير من الملابس البالية , وعندما خرجت قام الضباط بالنداء على الاسماء و سألوا عن أرقام الجلوس للامتحانات , فقلت ليس معى ,فقالوا للشاويش أرجعه إلى الزنزانة فأرجعنى إلى نفس الزنزانة , فاصابنتى دهشة وضيق ليس لرجوعى و لكن لأن تأويل الرؤيا أنى سأخرج , و عندما رجعت إلى نفس الزنزانة نظر إلى اخوانى بابتسامة خافتة و أخذو يصبرونى على رجوعى , فقلت لهم أنا ليس حزين على الرجوع و لكن الرؤيا غير ذلك , و ظللت أفكر فى الرؤيا ربما أخطأت التأويل ولكن كلما راجعتها لم أجد تأويل و لا تعبير غير الخروج من هذه الغرف , وبعد ثلاث ساعات تقريبا نادى الشاويش مرة أخرى فخرجت معه و معنا عدد قد نسى قبل ذلك , وتنتظرنا سيارة الترحيلات لتنقلنا إلى سجن طره حيث مقر الامتحانات , وصلنا إلى سجن طره فهو قريب جدا من سجننا وعندما لم يجدوا أرقام الجلوس أرجعونا إلى سجننا مرة أخرى و كنا ثمانية , فلما رجعنا وجدت ضابطا يعرفنى جيدا فنادانى و قال لى من معك فى عنبر ج قلت له ستة فقال للشاويش معك سبعة لعنبر (ج) و واحد لعنبر (ب) , و دخلنا مع الشاويش و أشرت للاخوة ففهموا ما أريد و ذهبوا إلى عنبر (ج) و ذهبت إلى عنبر (ب) ,, وهنا وقع التأويل وصدقت الرؤيا و عندما فكرت فيما حدث علمت أنى نسيت جزءاً من الرؤيا الذى فيه الرجوع ثم الخروج مرة أخرى ,,,,, لكن كيف كان تأويلى للرؤيا , فالرؤيا كنت أقف فى ضوء الشمس ( و نحن فصل الصيف ) فهو شدة و بلاء و هو وجودى فى هذه الافران أو الزنازين , أما دخولى إلى العنبر المبنى من الطين فهو خروجى الى مكان فيه رحمة ليس فيه هذه الشدة والحر , ثم خروجى هو دخولى مرة ثانية ثم دخولى إلى عنبر الطين و مكثى فيه أى خروجى منه الى مكان فيه رحمة ليس فيه الشدة وليس يوجد ذلك هناك الا فى عنبر (ب) فأولتها بذلك ووقعت بفضل الله , أما كيف علمت بوقت الخروج هو أن الرؤيا كانت بالقرب من فلق الصبح ( طلوع الشمس ) فعلمت أنها واقعة اليوم يقينا فوقعت بفضل الله ...
هذه الرؤي كانت فى صيف عام 1997 .
![]() |
سجين بأحد السجون |
بعد قليل نادى الشاويش على الامتحانت للطلاب و كنت وضعت اسمى خطئاً و لا أظن أن يأتى مع اسماء الطلاب , لكن الشاويش نادى اسمى بين اسماء الطلاب , خرجت فرحا مودعا اخوانى مبتسما على نظراتهم علىّ , خرجت مع الطلاب حاملا بعض متاع الفقير من الملابس البالية , وعندما خرجت قام الضباط بالنداء على الاسماء و سألوا عن أرقام الجلوس للامتحانات , فقلت ليس معى ,فقالوا للشاويش أرجعه إلى الزنزانة فأرجعنى إلى نفس الزنزانة , فاصابنتى دهشة وضيق ليس لرجوعى و لكن لأن تأويل الرؤيا أنى سأخرج , و عندما رجعت إلى نفس الزنزانة نظر إلى اخوانى بابتسامة خافتة و أخذو يصبرونى على رجوعى , فقلت لهم أنا ليس حزين على الرجوع و لكن الرؤيا غير ذلك , و ظللت أفكر فى الرؤيا ربما أخطأت التأويل ولكن كلما راجعتها لم أجد تأويل و لا تعبير غير الخروج من هذه الغرف , وبعد ثلاث ساعات تقريبا نادى الشاويش مرة أخرى فخرجت معه و معنا عدد قد نسى قبل ذلك , وتنتظرنا سيارة الترحيلات لتنقلنا إلى سجن طره حيث مقر الامتحانات , وصلنا إلى سجن طره فهو قريب جدا من سجننا وعندما لم يجدوا أرقام الجلوس أرجعونا إلى سجننا مرة أخرى و كنا ثمانية , فلما رجعنا وجدت ضابطا يعرفنى جيدا فنادانى و قال لى من معك فى عنبر ج قلت له ستة فقال للشاويش معك سبعة لعنبر (ج) و واحد لعنبر (ب) , و دخلنا مع الشاويش و أشرت للاخوة ففهموا ما أريد و ذهبوا إلى عنبر (ج) و ذهبت إلى عنبر (ب) ,, وهنا وقع التأويل وصدقت الرؤيا و عندما فكرت فيما حدث علمت أنى نسيت جزءاً من الرؤيا الذى فيه الرجوع ثم الخروج مرة أخرى ,,,,, لكن كيف كان تأويلى للرؤيا , فالرؤيا كنت أقف فى ضوء الشمس ( و نحن فصل الصيف ) فهو شدة و بلاء و هو وجودى فى هذه الافران أو الزنازين , أما دخولى إلى العنبر المبنى من الطين فهو خروجى الى مكان فيه رحمة ليس فيه هذه الشدة والحر , ثم خروجى هو دخولى مرة ثانية ثم دخولى إلى عنبر الطين و مكثى فيه أى خروجى منه الى مكان فيه رحمة ليس فيه الشدة وليس يوجد ذلك هناك الا فى عنبر (ب) فأولتها بذلك ووقعت بفضل الله , أما كيف علمت بوقت الخروج هو أن الرؤيا كانت بالقرب من فلق الصبح ( طلوع الشمس ) فعلمت أنها واقعة اليوم يقينا فوقعت بفضل الله ...
هذه الرؤي كانت فى صيف عام 1997 .
.
إرسال تعليق